التلييف ورم غير خبيث إجمالاً، كما أنه لا يتطوّر ليتحوّل إلى خلايا سرطانية. حجمه صغير، ومن الممكن أن يصل إلى حجم حبة الليمون الكبيرة، علماً أنّه يتطوّر انطلاقاً من عضلة تابعة للرحم، ويكون سبباً لعلامات مزعجة تعوق حركة المرأة أحياناً. ويتمثّل جديد الطب في هذا المجال في تقنيتي الموجات الصوتية والملاقط اللتين تستبعدان استئصال الرحم وحرمان المرأة من الإنجاب. وفي هذا الإطار، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في الطب النسائي الدكتور توفيق نكد.
> كيف نحدّد التلييف؟
هو ورم غير خبيث يتألّف من نسيج من الألياف القاسية والكثيفة، يتطوّر من عضل الرحم ومن نسيج أليافه، ومن الممكن أن يصل حجمه إلى عشرات السنتيمترات. ويعتقد الخبراء أن هناك نحو 40 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و45 سنة يعانين من مشكلة التلييف.
ويتطوّر التلييف الرحمي بطريقة مستقلة، وأحياناً قد يكون السبب المسؤول هو خلل جيني. وهناك نحو 25 في المائة من الحالات تحتاج إلى علاج، ومسؤولة عن 50 في المائة من عمليات استئصال الرحم.
> ما هي أبرز الأسباب المؤدّية إلى الإصابة بالتلييف؟
إن الأسباب ما تزال غير معروفة إلى اليوم، ولكن من المحتمل أن تكون عبارة عن تغيّر جيني. وهناك عوامل هرمونية تؤثّر على تطور التليّف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، قد يكون سببها هرمون «الأستروجين» أو «البروجسترون»، من خلال عوامل النمو. وأحياناً، تزول هذه المشكلة عند بعض النساء بعد انقطاع الحيض. ومن الأسباب المباشرة للإصابة: البدانة أو عدم الإنجاب.
رنين مغناطيسي
> ما هي أعراضه البارزة؟
تغيب الأعراض عن غالبيّة الحالات، ولكن في بعض الحالات، تظهر أعراض مختلفة، بحسب النساء وحجم الورم ووجوده في الرحم، من أبرزها: النزيف الشهري الكثيف أثناء الدورة الشهرية، نزيف خارج وقت الدورة الشهرية، مع آلام وأنواع من التقلّصات على صعيد البطن وظهور نزيف دم أسود، الإنتفاخ مع ثقل وضغط على الأمعاء ما يسبّب الإمساك، فضلاً عن المبولة وشرايين الأعصاب المحيطة به. وقد يسبّب آلاماً أثناء المجامعة، وكذلك آلاماً في الظهر والرجلين مع زيادة حجم البطن.
تجدر الإشارة إلى أن وجود هذا الورم لا يمنع تطوّر الحمل في حال وجوده، ولكن هناك نوع من التلييف يتطوّر داخل الرحم فيسبّب الإجهاض المتكرر، إذ إن حجمه الكبير يغيّر شكل الرحم ما يتطلّب مراقبة كبيرة، خصوصاً عند الولادة. وكلّما زاد حجمه وكان موجوداً داخل الرحم، كلّما زادت الآلام.
وفي بعض الحالات، يؤدّي إلى مشكلات غير مرغوب فيها كفقر الدم، لأن التلييف يسبّب فقدان الدم بكميّات كبيرة، فيؤدّي إلى نقص الحديد من الجسم.
ولكن لا يمكن أن تكون هذه الأعراض دليلا ًعلى وجوده ولا يمكن التأكد منها سوى من خلال صورة بالرنين الصوتي أو المغناطيسي، علماً أن 30 في المائة من النساء المصابات بعمر الإنجاب يظهر عليهن التلييف، وثلثهن يحتجن إلى علاج لوقف النزيف أو للتخفيف من الآلام أو علاج لزيادة الخصوبة.
> ما هي العلاجات الحديثة للتلييف الرحمي؟
هناك وسائل عدّة للعلاج، ومن بينها استئصال الرحم، وهذا ما كان يحصل في السابق. ولكن، تطوّرت العلاجات التالية للجراحة، وأبرزها صد الشريان الرئيسي وهي التقنية الأكثر تطوّراً والتي يعتمدها الأطباء خارج إطار الجراحة. وتتمّ هذه التقنية تحت بنج موضعي، من خلال قسطرة صغيرة داخل الشريان تصل إلى شريان الرحم، وعندها ترسل كرات صغيرة بحجم حبيبات الرمل لإغلاق الشريان المغذّي لهذا التلييف فيجفّ، ويصبح من السهل علاجه، وبالتالي استئصال التلييف في ما بعد. وهذه العملية تتطلّب دخول المريضة إلى المستشفى لمدة 48 ساعة. وحالياً، هناك تقنيتان حديثتان لا تتطلّبان الدخول إلى المستشفى ولا تسبّبان الآلام للمريضة، وهما: العلاج بالموجات الصوتية والعلاج بالملاقط.
الموجات الصوتية
> ما هو العلاج الجديد الذي يتمّ من خلال الموجات الصوتية؟
هذه الموجات الصوتية تديرها صورة بواسطة الرنين المغناطيسي، وهي حديثة وتتمّ من خلال إرسال موجات ما فوق صوتية تحمي العضو المراد تدميره. وتحدّد صورة بواسطة الرنين المغناطيسي نجاح العملية. وتستغرق هذه العملية التي تتطلّب إرسال الذبذبات ما فوق الصوتية وقتاً يختلف حسب حجم التلييف، وذلك بمعدّل 3 ساعات، على سبيل المثال، إذا كان التلييف يبلغ 8 سنتيمترات.
> ما هي إيجابيات هذه التقنية الحديثة؟
لا تنتج عن هذه العملية مشكلات في ما بعد، بل تشعر المريضة فوراً بالراحة. ولكن، لا تستفيد كلّ المصابات منها، إذ تتطلّب أن يكون حجم التلييف أقل من 5 سنتيمترات وأكثر من 12 سنتيمتراً، مع ضرورة ألا تكون المريضة قد خضعت إلى عمليّات جراحية أخرى في البطن.
تقنية الملاقط
> ماذا عن التقنية التي تقضي باستعمال الملاقط؟
هي طريقة حديثة للغاية وما تزال قيد البحث، وتقضي بلقط الشرايين المغذّية للرحم والتي تغذّي التلييف الرحمي بملقطين لمدة ست ساعات، ما يساعد على قطع الدم وحصول نوع من «الغرغرينة» المفتعلة، فيزول التليّف. ومن حسنات هذه العمليّة أنها لا تحتاج إلى جراحة بل يتم إجراؤها من خلال المهبل، وهي تشعر المرأة بالراحة بعد شهر من الخضوع إليها. وستتبلور النتيجة النهائية لهذه العملية من خلال الأبحاث في السنوات المقبلة.
> ماذا عن العلاج من خلال الجراحة؟
هناك نوعان من الجراحة، هما:
1 إستئصال التلييف حصراً، يتم من خلال البطن ويقضي بجرح الرحم لسحب التلييف، ويتطلّب المكوث لأيّام عدّة في المستشفى وأسابيع من الراحة.
2 إستئصال التلييف من خلال المنظار، وذلك إذا كان يقع خارج منطقة الرحم. وتتمّ هذه العمليّة من خلال جرح صغير على مستوى الصرّة، وذلك بهدف إدخال القسطل الأوّل، وجرح بسيط آخر لإدخال القسطل الثاني. وتستدعي هذه العمليّة وقتاً أقل للشفاء.
وتظهر بعض المشكلات من جرّاء هذه العمليّات، لا سيما أن التلييف يعاود الظهور، مما يؤدّي إلى استئصال الرحم. وهذا ما لا يرغب الأطباء بالقيام به، خصوصاً إذا كانت المرأة في مرحلة الإنجاب!
أمّا عملية استئصال الرحم بالكامل فيتم إجراؤها للنساء اللواتي يعانين من تلييف كبير، وقد تخطّين سن الإنجاب. وهي تتمّ من خلال البطن أو من خلال الرحم.